حمود الغيلاني لـ «الأنباء»: الموسوعة التاريخية البحرية بين الكويت وعمان سترى النور في 2016 وتتناول العلاقات البحرية بين البلدين

  • التاريخ البحري لم يحظ بالاهتمام الكافي ليس في عمان وحسب إنما في دول الخليج كافة
  • نأمل أن يتم إعداد موسوعة تاريخية بحرية على مستوى دول مجلس التعاون
  • أقول للشباب إنهم لديهم القدرة على إعادة التاريخ البحري إلى الواجهة كما كان عليه في السابق

أجرت الحوار: رندى مرعي

بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب زار الكاتب والمؤرخ حمود الغيلاني الكويت لإلقاء محاضرات حول التاريخ البحري وأهميته، وعن العلاقة البحرية التاريخية التي تربط الكويت بعمان، وخلال زيارته كان لـ «الأنباء» لقاء معه تحدث خلاله عن أهمية توثيق التاريخ البحري الخليجي في موسوعة موحدة تبقى مرجعا للأجيال القادمة معلنا في هذا الإطار عن تعاون بينه وبين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في إعداد موسوعة تتحدث عن العلاقة التاريخية البحرية التي جمعت بين عمان والكويت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وسترى النور عام 2016.

وشدد الغيلاني خلال اللقاء على أهمية إعطاء البحر ورجالاته حقهم بالأهمية من خلال توثيق سيرهم وإنجازاتهم التي تنوعت بين التجارية والحربية والثقافية في موسوعات تبقى مراجع تاريخية لكل مهتم، داعيا الشباب إلى العمل على إعادة الحياة البحرية والتاريخ البحري إلى الواجهة لما يحمله من أثر حضاري وثقافي على تاريخ الخليج وثقافته.

وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

بداية ما هو التاريخ البحري الخليجي وما هي أهميته؟

٭ فـــي الواقع إن علم التاريخ هــــو بحر بحد ذاته فيه تشعبـــات ومجـــــالات عديدة ولقد اخترت أن أتخصص في التاريخ البحري لما له من أهمية في تاريخ الخليج العربي بشكل عام وبالحضارة العمانية بشكل خاص، فنحن شعب يعيش مع البحر ولا نستطيع فصل أنفسنا عنه.

وقد تناولت في الأبحاث التي قمت بها بحر مدينة صور العمانية بالتحديد لأنني ابن هذه المدينة ولأن تاريخها البحري جزء من التكوين الثقافي لكل أبنائها ويدخل في النسيج الاجتماعي والعادات والتقاليد.

كما أن للبحر أهمية كبيرة في جميع المجالات، فعلى الصعيد التجاري كان البحر معبرا مهما لجميع التبادلات التجارية بين عمان وشرق آسيا وأفريقيا وغيرها من المدن، هذا عدا أهمية تأريخ المعارك التي خاضها المسلمون في البحر العماني والتي وصل عددها إلى حوالي 70 معركة بحرية وهو رقم لا يستهان به.

لذا قـــررت أن أؤلف كتـــاب «التاريخ الملاحي وصناعة السفن» في مدينة صور الذي حاولت من خلاله توثيق كل ما سلف ذكره وتم حصر 38 نوعا من السفن و35 ميناء بحر على مر التاريخ.

ثم قمت بتأليف كتاب «ولاية صور» الذي يتناول سيرة عدد من أبناء الولاية في الإدارة والأدب والتعليم والطب التقليدي، وبعده كان كتاب «تاريخ صور البحري المروي» على لسان النواخذة.

أما السبب في الاهتمام بالتاريخ البحري فيعود إلى أن هذا النوع من التاريخ لم يحظ بالاهتمام الكافي ليس في عمان وحسب إنما في دول الخليج بشكل عام ولا ننكر أن هناك بعض الدراسات والأبحاث في هذا المجال إلا أنها تحتاج إلى عمق أكثر وأبعاد زمنية أكبر أي أنه لا ترتبط تلك الدراسات بالقرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

ولا بد من الإشارة أيضا إلى الروابط التي تجمع بين نواخذة دول الخليج على سبيل المثال نواخذة عمان والكويت الذين تربطهم علاقات متنوعة منها التبادل المعرفي والنشاط الاقتصادي وصناعة السفن وهي الركائز التي ترتكز عليها الأبحاث.

هل هناك أي تطلعات لتكون هناك دراسات أو أبحاث مشتركة عن تاريخ البحر الخليجي؟

٭ نعم، هناك مقترح لمشروع قادم يتناول العلاقات البحرية بين عمان والكويت في القرنين الثامن والتاسع عشر وقد لاقى هذا المقترح ترحيبا كاملا من كل من د.عبدالله الغنيم، وفهد عبد الجليل، وعلي اليوحة الذين أبدوا ترحيبا كاملا بهذه الدراسة والتي نأمل أن ترى النور في عام 2016 بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

بالنسبة للحديث عن التاريخ البحري، ما الجوانب التي يجب تسليط الضوء عليها أكثر من غيرها؟

٭ للأسف عندما نتحدث عن التاريخ البحري يذهب الناس إلى التفكير بقضايا جزئية وهي الجوانب التجارية وسفن البحر إلا أن هناك مفهوما أكبر يتعلق بثقافة البحر، وهي تتناول محاور كثيرة منها التجارة البحرية وصناعة السفن، وحياة النواخذة والعادات والتقاليد وصيد الأسماك والثقافات الممارسة والفنون البحرية.

وقد عممنا هذا المشروع في عمان من أجل الموسوعة العمانية التي صدرت عام 2014 والتي تضمنت ركنا خاصا عن ثقافة البحر في سلطنة عمان، ونتمنى أن يكون هذا المشروع موجودا في دول الخليج لأن الثقافات البحرية في المنطقة قديمة جدا، ففي عمان مثلا يعود التاريخ البحري إلى 7000 عام كذلك بالنسبة لدول الخليج، لذا نأمل أن يتحقق إنشاء موسوعات بحرية متخصصة وشاملة سواء على مستوى دولة أو على مستوى دول مجلس التعاون.

وما أهمية إيجاد موسوعة بحرية خليجية شاملة؟

٭ أهمية إيجاد موسوعة بحرية خليجية شاملة تكمن في أهمية المنهج العلمي المتبع في الموسوعات، فهو منهج دقيق جدا يتعامل مع الجزئيات البسيطة، ما يعني أن هذا النوع من الموسوعات يساعد في الحفاظ على الإرث الحضاري من خلال تقييم متكامل، كما أنها ستتناول جميع المحاور التي تدخل في مفهوم الثقافة البحرية وتوثق الجوانب الثقافية والحضارية للتاريخ البحري وتحفظه للأجيال القادمة.

وما المراجع التي تعودون إليها في إعداد هذا النوع من الموسوعات خاصة أنها في أحد جوانبها يتم اللجوء إلى المراجع المروية لاسيما فيما يتعلق بحياة النواخذة؟

٭ نحن نعتمد على المادة المرجعية كمرجع أساسي وتوثق توثيقا علميا بحسب مواصفات التدقيق العلمي، ونعتمد على جميع المراجع العربية والأجنبية، والوثائق والمخطوطات والنقوش الأثرية، وأخيرا المصدر الشفهي الذي يكون على لسان النواخذة أو من عايش وعاصر الحدث نفسه، وعن دقة هذه المعلومات فهي تعود إلى محرر المادة ومدى معرفته ودقة ملاحظته لحركات الشخص الذي يحدثه ومعاصرته للآخرين ومن خلال المصطلحات المستخدمة.

كما تجدر الإشارة في هذا الإطار إلى تشابه وتداخل حياة النواخذة في دول الخليج، وهنا أيضا تطابق الصور المنقولة عن حياتهم، فهي تعتبر مصدر توثيق بالغ الأهمية.

ما الجهة المنوطة بجعل إعداد الموسوعة البحرية الخليجية واقعا؟

٭ حقيقة ليست هناك جهة محددة لإتمام هذا المشروع على صعيد دول الخليج، ولكن على سبيل المثال في عمان وزارة الثقافة هي الجهة المعنية بإعداد الموسوعة البحرية العمانية، ويمكن أن يبدأ الإعداد لهذه الموسوعة في دولة معينة ومن ثم ومن خلال الجهات المتخصصة والمعنية في كل دولة يمكن الإضافة الى هذه الموسوعة لتشمل دول الخليج كافة، فالموسوعة لا تغلق وتحتاج إلى تحديث دائم من حيث المعلومات والوثائق.

هل يشهد التاريخ البحري تطورا كما هو الحال في المجالات الأخرى، وما هو نوع هذا التطور؟

٭ حتما إن التاريخ البحري يشهد تطورا كما هو الحال في مختلف المجالات وهذا التطور يشمل الموانئ ونوعية الشباب والتدريب والتأهيل، فاليوم هناك قباطنة سفن في كل الخليج، والتبادل التجاري لم يتوقف، كما دخل التطور إلى حركة الملاحة واليوم دخلت التكنولوجيا في الملاحة البحرية ولم تعد تقتصر على الأشرعة فحسب.

من جانب آخر إلى جانب إعدادكم مجموعة من الأبحاث التاريخية البحرية قمتم بكتابة روايات تاريخية أيضا لترسيخ الحياة البحرية فما هي تلك الروايات؟

٭ اليوم الشباب يعيشون في عصر السرعة وقد لا تستهويهم قراءة موسوعات علمية وبحثية لذا كان لا بد من إيجاد طريقة أصل إليهم من خلالها لتعريفهم على تاريخهم البحري لا بل أكثر من ذلك لتعريفهم على تراثهم وتاريخهم، فعمدت إلى إصدار روايات في هذا المجال وكانت رواية جوهرة صور الذي يروي دور المرأة في تنشئة الأبناء في تلك الفترة وتعرض الرواية أساليب العيش والصعوبات التي واجهتها.

ورواية سلطان والتي تروي حياة قادة السفن وقد كتبتها خلال رحلتي إلى زنجبار وذلك ليتعرف الشباب من خلال هذه الرواية على تلك الحياة.

ورواية «يلال بو كبيش» وهي مجموعة قصصية من التراث العماني وتروي توثيق تلك الثقافات.

ما هي أعمالكم القادمة؟

٭ لقد انتهيت من إعداد كتاب «أسياد البحار» الذي تضمن سير 1045 نوخذة أقدمهم يعود إلى عام 905 ميلادي، وتاريخ الأسطول البحري العماني وأثره في التجارة الدولية، كما انتهيت من العمل على كتاب كتاب «سنة البحر» القانون البحري للنواخذة.

وأعمل على كتاب بعنوان «الأثر الثقافي والسلوكي للفنون العمانية المغناة على المجتمع»، وعلى مجموعة قصصية، من التراث العماني بعنوان «النجار» ورواية «نهاية حلم» إلى جانب قصص أخرى.

ختاما كيف ترى واقع التعاطي الحالي مع التاريخ البحري، وبماذا تتوجه بالشباب؟

٭ في الواقع لا بد من الاعتراف بأن هناك جهودا تبذل لترسيخ التاريخ البحري في عمان والكويت على حد سواء، وفي عمان يتم العمل على إنشاء أكبر متحف بحري في المنطقة يروي تاريخ زمني عمره 7 آلاف سنة في البحر، وفي الكويت هناك المراكز البحثية المتخصصة.

وأقـــول للشـــباب إن لديهم القدرة على إعادة التاريخ البحري إلى الواجهة كما كان عليه في السابق فنحن أبناء الخليج نعشق البحر وتاريخنا تاريخ بحري وعلاقاتنا مع كل دول العالم كانت عبر البحر الذي رسم حضارتنا لذا لا بد من إعطاء البحر ورجاله الأهمية اللازمة في البحث والتوثيق.

حمود الغيلاني في سطور

حمود بن حمد بن محمد الغيلاني من ولاية صور العمانية، حائز على ليسانس آداب/ تاريخ وهو عضو مشارك في الموسوعة العمانية.

يعمل مدير دائرة تقنية المعلومات، مديرية التربية والتعليم بمحافظة جنوب الشرقية، وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان.

تتنوع خبراته بين المؤلفات والمحاضرات والندوات، ومن مؤلفاته: التاريخ الملاحي وصناعة السفن في مدينة صور العمانية، كتاب ولاية صور، «تاريخ مدينة صور البحري المروي» لوزارة التراث والثقافة بالتعاون مع د.محمد العريمي.

كما أصدر عددا من الروايات التاريخية وهي: جوهرة صور عام 2006 م، وسلطان عام 2012م، والمكري عام 2012م، إلى جانب مجموعة قصصية من التراث العماني بعنوان يلال بو كبيش.

وشارك في ندوة «البعد الحضاري للعلاقات العمانية- اليمنية» مركز الدراسات العمانية ـ جامعة السلطان قابوس ببحث حول «التبادل التجاري بين الموانئ البحرية العمانية واليمنية وأثرها في الملاحة العالمية» 2010م ومؤتمر تاريخ الحضارة الإسلامية في شرق أفريقيا ـ زنجبار 2013م، ببحث حول «أثر الأسطول البحري العماني وأثره في العلاقات العمانية ـ الأفريقية».

https://www.alanba.com.kw/ar/kuwait-news/520731/13-12-2014-%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%8A%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%84%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D9%88%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *